نظرية التعلم المعرفية
مقدمة:
تعتبر نظرية التعلم المعرفي من النظريات الرئيسية في مجال علم النفس التربوي و التي ساهمت في تطوير أساليب التعليم ، حيث تركز على العمليات العقلية الداخلية التي يقوم بها المتعلم، مثل: ( الإدراك والفهم والذاكرة والاستدلال). وعلى النقيض النظريات السلوكية التي تركز على العمليات العقلية الخارجية (أو على ردود الفعل تجاه المنبهات الخارجية)، تركز النظرية المعرفية على كيفية معالجة المعلومات وتكوين المعرفة لدى الأفراد وبنائها.
1. مفهوم النظرية المعرفية:
تقوم النظرية على فكرة أن التعلم هي عملية نشطة يقوم من خلالها المتعلم بتكوين المعرفة بناءً على خبراته السابقة وتفاعلاته مع المعلومات الجديدة. و يتم التعلم من خلال تنظيم المعلومات ومعالجتها وتخزينها في الذاكرة لاسترجاعها عند الحاجة.
2. روادها:
- جان بياجيه (Jean Piaget)
- المرحلة الأولى: من (0-2 سنة) سماها بالحسية الحركية: بحيث يتعلم الطفل من خلال الحركة و الحواس.
- المرحلة الثانية: من (2-7 سنوات) سماها بما قبل العمليات: في هذه المرحلة يتطور لدى طفل اللغة والرموز ولكنه لا يفكر بالمنطق.
- المرحلة الثالثة: من (7-11 سنة) سماها بمرحلة العمليات الملموسة بحيث يبدأ الطفل بالتفكير المنطقي ولكن في إطار الأشياء الملموسة فقط.
- المرحلة الرابعة: (من 11 سنة فأكثر) هي مرحلة العمليات المجردة؛ بحيث يكتسب الطفل القدرة على حل المشكلات و التفكير المجرد.
- جيروم برونر (Jerome Bruner)
أكد هذا العالم أن التعلم يحدث من خلال الاكتشاف ، وأن الفرد يبني المعرفة بنفسه من خلال تفاعل مع البيئة و قدم في هذا الباب ثلاثة أنماط لتمثيل المعرفة لدى المتعلم وهي:
- التعلم من خلال الفعل والتجربة، (التمثيل العملي Enactive Representation)؛
- التعلم من خلال الصور والرموز البصرية، (التمثيل التصويري Iconic Representation)؛
- التعلم من خلال اللغة و الرموز المجردة، (التمثيل الرمزي Symbolic Representation).
- ليف فيغوتسكي (Lev Vygotsky)
قدم ليف فيغوتسكي مفهوم منطقة التطور القريب (ZPD)؛ بحيث أن التعلم يكون أكثر فعالية عندما يتلقى المتعلم الدعم المناسب من شخص أكثر خبرة منه مثل: المدرس أو الصديق أو العائلة..، كما أكد على أهمية " التفاعل الاجتماعي" في عملية التعلم مما أدى إلى ظهور النظرية البنائية الاجتماعية.
3.مبادئ نظرية التعلم المعرفي:
- التعلم عبارة عن عملية نشطة: حيث يشارك المتعلم في بناء معرفته من خلال: التأمل والتحليل والاستنتاج و الاكتشاف ، وليس من خلال مجرد استقبال المعلومات الجاهزة.
- الذاكرة لها دور محوري: التعلم يحدث من خلال معالجة المعلومات وتخزينها في الذاكرة طويلة المدى لاسترجاعها في وقت لاحق.
- الفهم يتجاوز الحفظ : تؤكد النظرية على أهمية الفهم العميق الداخلي للمفاهيم بدلا من الاعتماد على الحفظ السطحي والجاهز .
- ربط السابق باللاحق: التعلم يتأثر بالمعرفة السابقة بحيث تعتمد المعلومات الجديدة على المعرفة والخبرات السابقة للمتعلم.
- الممارسة و التطبيق : هذا يحسن التعلم لدى المتعلم لذلك يجب عليه أن يطبق ما تعلمه في حياته وفي سياقات مختلفة لترسيخ معارفه لكي لا تنسى .
4. استراتيجيات التدريس وفقا للنظرية المعرفية:
- التعلم بالاكتشاف: هذا يشجع المتعلم على استكشاف المفاهيم بنفسه من خلال التجارب والبحث الدائم .
- استخدام الخرائط الذهنية: يساعد على تنظيم المعلومات وربطها مع بعضها البعض يسهل تذكيرها عند الحاجة وتجنب العشوائية.
- التعلم القائم على حل الوضعيات: يجب على المتعلم مواجهة تحديات حقيقية، مما يشجعه على التفكير النقدي البنّاء والتحليل وتحفيزه على حل المشكلات .
- التعلم التعاوني: يساعد على تبادل المعرفة و يحسن الفهم (خصوصا العمل في مجموعات).
- توظيف التقنيات الحديثة: استخدام التكنولوجيا الحديثة يزيد من خلق بيئات تعليمية أكثر تفاعلية مثل: الواقع الافتراضي، التعليم عبر الإنترنت، والألعاب التعليمية، مواقع التواصل الاجتماعي، منتديات، صفحات تربوية ..إلخ.
5. تحديات هذه النظرية :
- صعوبة تطبيقها و تنزيلها في الفصول الدراسية خاصة التي تعرف اكتظاظا.
- تتطلب تخطيط دقيق وتفاعل دائم بين المدرس و المتعلمين .
- تركز أكثر على العمليات العقلية و لا تهتم كثيرا بالعوامل النفسية مثل: الدافعية و الميولات الشخصية لدى جميع المتعلمين.
- أحيانا لابد من استخدام التعلم التكراري أو النمطي الألي ، مثل إجراء عمليات حسابية أو حفظ مصطلحات أو آيات كما أنزلت.. وهذا استبعدته هذه النظرية. و بالتالي فهي غير مناسبة لجميع أنماط التعلم.
6. الخاتمة:
تعتبر نظرية التعلم المعرفي من أبرز النظريات التي ساهمت وساعدت في تحسين أساليب التدريس، حيث تركز على كيفية معالجة المتعلم للمعلومة وتخزينها في الذاكرة، وبفضل رواد هذه النظرية مثل: "بياجيه ،وبرونر، وفيجوتسكي"، أصبح التعليم أكثر تفاعلية وتركيزًا على تنمية مهارات التفكير النقدي. وعلى الرغم من بعض التحديات، تظل هذه النظرية هي الأساس لتطوير برامج تعليمية حديثة تعزز الفهم العميق.
تعليقات
إرسال تعليق