القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث الأخبار

إجراءات فعالة لحماية المدرس من الاعتداءات المدرسية

إجراءات فعالة لحماية المدرس من الاعتداءات المدرسية

إجراءات فعالة لحماية المدرس من الاعتداءات المدرسية

مقدمة:

عرفت المؤسسات التعليمية في الآونة الأخيرة تزايدا ملحوظا في حالات الاعتداء على المدرسين، من طرف تلاميذهم، مما أصبح ظاهرة مقلقة للجميع، خاصة للأطر التربوية . في هذا المقال، سنتناول فيه بعض الاجراءات الفعالة التي يمكن أن يعتمدها المدرس اليوم لضمان سلامته في ظل هذه الاعتداءات المدرسية.

أولا: فهم أصل المشكلة:

قبل الخوض في الحديث عن إجراءات الحماية ، لابد من طرح السؤال الجوهري التالي: ما الذي يدفع المتعلم للاعتداء على مدرسه؟ 

لا شك أن هذا النوع من السلوكيات لا تحدث من فراغ، بل هو نتاج مجموعة من الدوافع -على سبيل المثال لا الحصر-، منها :

  • غياب القيم والانضباط في بعض الأوساط الأسرية ؛ بحيث ينشأ المتعلم في بيئة لا تعزز احترام الآخر، مما ينعكس بشكل مباشر على سلوكه داخل الفصل.
  • ضعف دور المؤسسات التعليمية ؛ بسبب قصورها في اتخاذ إجراءات صارمة تجاه مظاهر التسيب والاعتداءات؛ نتيجة المذكرة التأديبية المعروفة بـ"مذكرة البستنة"، التي تحمل في طياتها عقوبات غير زجرية، ساهمت بشكل ملحوظ في تآكل صورة المدرس ومكانته داخل الوسط المدرسي ، مما تشجع المتعلم على التمادي عليه.
  • التأثير السلبي لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي؛ وذلك من خلال  ترسيخ صورة مشوّهة عن المدرس، وتحوّل في بعض المحتويات إلى هدف للسخرية أو التنمر، بدل أن يكون قدوة يُحتذى به، وهو ما قد يدفع بعض المتعلمين إلى التطاول عليه.
  • الدور الخطير الذي تلعبه بعض وسائل الإعلام؛ سواء عبر الأفلام أو المسلسلات ، بدل أن تعزز قيم الاحترام والتحلي بالمسؤولية، تروّج في أعمالها لسلوكيات منحرفة ، كما أنها تشجع على الجريمة، و تظهر حيازة الأسلحة البيضاء كأنها مشاهد عادية ومألوفة، لكنها في الحقيقة هي مشاهد لا تتناسب مع المرحلة العمرية الناشئة، تؤثر بشكل مباشر في سلوكياتكم، وتغذي لديهم ميولات عدوانية، قد تترجم داخل المؤسسة التعليمية في شكل اعتداءات على الأساتذة وعلى زملائهم.

ثانيا: إجراءات الحماية داخل الفصل:

1- وضع حدود واضحة منذ البداية:

  • ضع قواعد سلوكية يُتفق عليها مع المتعلمين- في بداية السنة-، تكرس الاحترام والانضباط داخل الفصل، مع التذكير بهذه القواعد عند ظهور بوادر مخالفتها، كن صارما وعادلا في تطبيقها، لكن بأسلوب تربوي، تظهر للمتعلمين احترامك وتفهمك لهم. 
  • احتفظ بهدوئك دائما، و لا تدخل في جدالات حادة معهم، خصوصا عندما يكون الموقف بسيطا أو التصرف لا يستدعي التصعيد. 
  • تغافل على بعض السلوكيات التي لا تؤثر على السير العادي داخل الفصل، فأحيانا التجاهل يجنب الكثير من المشاكل والصراعات، مثل: المحادثات الثنائية أو التشتت الخفيف، لكن بشرط يكون هذا التغافل ذكي، و لا يتحول إلى عادة دائمة، ويفسر من طرف التلاميذ على أنه ضعف في شخصيتك.

2- بناء علاقة قائمة على الاحترام داخل الفصل:

حاول قدر الإمكان أن تُقيم علاقة إيجابية، تقوم على الاحترام المتبادل مع تلاميذك، استمع إليهم في حال مواجهة أحدهم مشكل، وامنحهم الشعور بأن آرائهم مهمة ومسموعة داخل الفصل ، مع الحفاظ على هيبتك كمدرس.

3- توثيق أي سلوك عدواني:

وثق أي تهديد أو سلوك غير لائق صدر من المتعلمين، وذلك بإعداد تقرير كتابي مفصل، دون إغفال أي جزئية ، حتى وإن بدت لك بسيطة وغير مهمة؛ لأنها قد تكون ضرورية لفهم السياق وإثبات الحقيقة ، ومن باب الاحتياط لا تنس الاحتفاظ بنسخة من التقرير، يكون بمثابة دليلا و سندا لك في حال تطورت الأمور.

ثالثا: إجراءات الحماية خارج الفصل:

1. التواصل مع الإدارة:

لا تتردد في إبلاغ الإدارة، واطلب تدخلها فورا عن أي تصرفات مشبوهة و خطيرة داخل فصلك، ولا تتهاون مهما بدت بسيطة، فالتساهل  في هذه الحالات قد يؤدي إلى تفاقم الأمور، و قد يفتح الباب لمزيد من التمادي في قادم الأيام.

2. التواصل مع زملاء العمل :

تواصل مع زملائك في المؤسسة عندما تلاحظ سلوكيات غير مقبولة من أحد التلاميذ، خاصة إذا كانت تتكرر من نفس العناصر؛ هذا يساعدك في أخذ فكرة شاملة عنهم، وتعرف تصرفاتهم مع أساتذتهم قبل اتخاذ أي إجراء في حقهم(لكن يبقى الأمر اختياري، فأنت سيد قسمك).

3. دور المؤسسة :

تلعب المؤسسة التعليمية دورا كبيرا في توفير بيئة آمنة ومحفزة للمدرس، من خلال؛ تفعيل قوانين واضحة وصارمة تحمي أطرها من كل أشكال الاعتداء، و توفير الدعم النفسي والاجتماعي عبر مرشدين مختصين قادرين على التدخل المبكر عند ملاحظة بوادر العنف داخل الوسط المدرسي، إضافة إلى تنظيم لقاءات تحسيسية و توعوية لفائدة المتعلمين وأولياء أمورهم حول؛ ترسيخ قيم احترام الأطر التربوية، وتعزيز الوعي بأهمية تقدير من يساهم في تربيتهم وتعليمهم، بدلا من الإعتداء  أو الإساءة إليهم.

4. الالمام بحقوقك القانونية وفهمها:

  • احرص على معرفة حقوقك وفهمها جيدا، والاطلاع على القوانين التي تحميك بصفة عامة.
  • لا تتهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية في حال تعرضك لأي تهديد أو اعتداء، سواء داخل الوسط المدرسي أو خارجه ، بما في ذلك تقديم شكاية للسلطات المختصة.

5.  انضم الى التنسيق النقابي.

  • من الضروري الانضمام إلى نقابة تتمتع بأكثر تمثيلية، تدافع عن الهيئة التربوية ، وتعمل على تعزيز مصالحهم، بحيث في حال تعرضك لأي اعتداء أو انتهاك لحقوقك، ستحصل على دعم فعلي، بما في ذلك المساعدة في الإجراءات القانونية.
  • يمكنك الانضمام إلى جمعية مهنية ؛ يكون صوتها مسموع لدى الجهات المعنية، لضمان الدفاع الفعال عن حقوقك ومصالحك المهنية.

6. المشاركة في التوعية ضد العنف المدرسي:

يمكنك المشاركة في نشاطات توعوية داخل المؤسسة، التي تهدف إلى نبذ العنف والاعتداءات بشتى أنواعها . كما يمكنك التنسيق مع الادارة وتنظيم نشاط تحسيسي في هذا الجانب داخل فصلك (يمكنك استهداف الأقسام المشبوهة).

7. توثيق كل تواصل مع أولياء الأمور:

في ظل تصاعد حالات الاعتداء التي لم تعد تقتصر على المتعلمين فقط، بل امتدت لتشمل بعض أولياء الأمور، بات من الضروري أن يُحصّن المدرس نفسه بالتوثيق الدقيق لجميع تفاعلاته مع أولياء الأمور، مع ضمان وجود أدلة واضحة في حال وقوع أي اعتداء أو تهديد، كما يُفضل تجنب اللقاءات الفردية مع من يُعرف بسلوك عدواني ، والتأكد من حضور أحد أعضاء الإدارة أو زميل موثوق به لهذه اللقاءات.

8.  لا تهمل صحتك:

إن صحتك تعد من العوامل الضرورية لنجاحك في أدائك المهني ، فلا تسمح للضغوطات تؤثر عليك أو تنال منك، قم بممارسة الأنشطة التي تساعدك على الاسترخاء، ولا تتردد في طلب المساعدة النفسية، أو الاستشارة التربوية عند الحاجة.

خاتمة:

أيها المدرس، إن حمايتك تبدأ بوضع حدود واضحة، مع إلمامك بحقوقك وواجباتك، وعدم التهاون مع أي شكل من أشكال الاعتداءات المدرسية ، اعلم أنك لا تمثل نفسك فقط ، بل تمثل أيضا سمعة المدرسة والنظام التعليمي بأكمله. دون أن نتجاهل حقيقة أن حماية الأطر التربوية اليوم لم تعد خياراً، بل ضرورة، وهذا يشمل بناء نظام وقائي يبدأ من الصف ويمر عبر الإدارة ويمتد إلى الوزارة والمجتمع.
أنت الان في اول موضوع
هي مدونة تربوية تهدف إلى تقديم محتوى حصري ومفيد في مجالات التربية والتعليم، تشمل علوم التربية والديداكتيك للمقبلين على اجتياز الكفاءة المهنية، ومباريات التعليم. أيضا كل ما يهم الأستاذ والتلميذ، في إطار التوجيه، وتقديم النصائح التربوية الفعالة، والدعم التربوي الهادف.

تعليقات

التنقل السريع